العقارات وإدارة الممتلكات، الفرص في خضم التحديات

 

 

 

 

 

 

هاريش ناير
مدير عقاري
مجموعة أحمد القائد

شهدنا تحولاً ملحوظاً في مجال إدارة العقارات في مملكة البحرين في السنوات الأخيرة، فقد أصبح مؤخراً مجالاً احترافياً متنامٍ.

ويلاحظ منذ بدء تطبيق تشريعات مؤسسة التنظيم العقاري في عام 2018، ظهور تحسينات هائلة على النهج المهني في تقديم خدمة عالية الجودة في القطاع العقاري، خصوصاً في المجمعات السكنية والتجارية الراقية. إلا أن جائحة كوفيد-19هزت استقرار الصناعة العقارية بأكملها في مملكة البحرين، بالرغم من أن القطاعات المرتبطة بها مثل قطاع السفر والسياحة وبيع التجزئة تلقت الضربة الأعنف جراء الجائحة. 

في ظل هذه الظروف المستجدة، ظهرت تحديات جديدة إلى جانب التحديات المعتادة المتمثلة بتطبيق أفضل السبل لتعزيز المبيعات، فقد أصبحت أمور مثل توليد عائد من الإيجار ضمن قائمة ممتلكات متنامية، وتحقيق فعالية التكاليف، وتقديم خدمة عالية الجودة للقاطنين والملاك، أموراً يصعب تحقيقها. إلا أن الظروف الصعبة تخلق دائماً مساحات تشجع المبتكرين على الإتيان بالجديد وغير المألوف مما يسبب حالةً تهز كيان المعتاد السائد في الحالة “الطبيعية”.

لا شك أن الجائحة عملت على إبراز عدد من التحديات الصغيرة والكبيرة كان بعضها متوقعاً وبعضها الآخر غير متوقع، ومع هذا، انبثقت في المقابل فرص عديدة جديدة في نفس الفترة.

عانى الطلب على الاستئجار في القطاع السكني من انخفاضٍ ثابت جراء عدة عوامل منذ الربع الأخير من عام 2020. ضمت هذه التحديات التي ظهرت مبكراً وانتشرت بشكل واسع، انعدام الأمن الوظيفي للعمالة الوافدة الأجنبية، وانتقال المستأجرين من المساكن الفاخرة إلى مساكن أكثر تواضعاً وتفضيلهم خياراتٍ تحقق فعالية تكاليف بشكل أكبر، إلى جانب إنهاء العقود مبكراً قبل موعدها.  

وبالرغم من وجود عدد أقل من التحديات في الحيز التشغيلي، إلا أن الكلف التشغيلية ونفقات الصيانة ارتفعت بشكل لافت بسبب أسعار بعض الموارد الأساسية، ونقص العمالة الماهرة في السوق، ونقص مرحلي في أعضاء الفرق العقارية ذوي المهارات نتيجة تطبيق معايير الحظر الصحي واتباع الإجراءات الرسمية الإلزامية في مواجهة أزمة كوفيد-19. 

وكانت الفرصة الناشئة في هذه الظروف هي التحدي المتمثل في الحفاظ على الإشغال العقاري من خلال المرونة والتأقلم مع أوضاع السوق الجديدة، وخفض أسعار التأجير، وزيادة الخدمات المقدمة للمستأجرين، وتقديم عروض الإيجار أو المرافق المجانية لفترات محدودة، ووضع خطط السداد بالأقساط لمعالجة المتأخرات، والتفكير بطرق مبتكرة تشجع المستأجرين الحاليين على البقاء وحتى التمديد. 

وبما أن الزيارات الشخصية للعقارات كانت غير آمنة ولا يُنصح بها حفاظاً للسلامة العامة، كانت هذه فرصة لاختبار فعالية البدائل الرقمية. وأدى هذا إلى بروز وتقبل الاستخدامات المبتكرة للتكنولوجيا، والترويج والعروض من خلال منصات التواصل الاجتماعي، والتسويق الرقمي، وأصبح يُنظر لهذه الوسائل كأدوات تسويق ومبيعات فعالة خلال هذه الفترة.

من جهة أخرى، نشطت مبيعات الشقق السكنية في السوق العقاري بسبب أسعار البيع المنخفضة التي قدمها المطورون والملاك. حيث أصبح اقتناء الشقق ضمن المجمعات الفاخرة ذات الإدارة الجيدة في متناول المستثمرين الصغار والمتوسطين. في حين أن الاستئجار بقصد التملك كان جذاباً في عدة مواقع فقط مثل جزر أمواج.

كما لوحظ تفضيل المشترين والمستأجرين لمواقع بعيدة عن مراكز الاكتظاظ السكاني واختيار الأحياء ذات التعداد القليل التي تنتشر فيها الفلل، حتى وإن كان ذلك يعني سعراً أعلى بعض الشيء أو إذا كان يتطلب المزيد من الوقت للتنقل في السيارة. ولذلك، شهدت المشاريع الجديدة في جزيرة دلمونيا، وخليج البحرين، ومراسي، وغيرها من المناطق المماثلة كماً أكبر من غيرها من الاستفسارات والاهتمام.

بينما ننتظر تعافي القطاع العقاري البحريني الذي يتوقع أن يكون سريعاً، يمكننا انتهاز فرصة التباطؤ الحالي لتجديد أنظمة الإدارة العقارية، ووضع الخطط الاستراتيجية، وتحسين إجراءات مراجعة المرافق، وتطوير الخدمات ورفع مستوى تدريب الفرق العقارية.

تذكر دائماً أن ” الظروف الصعبة لا تحددك، بل هي ترقى بك وتوسع إمكاناتك…” 

نُشر هذا المقال كجزء من الإصدار السادس من تقرير اتجاهات بروبرتي فايندر البحرين.

:يمكنك أيضًا البحث عن
شاليهات درة البحرين
شقق للايجار في جرداب